استشارات

بسم الله الرحمن الرحيم الأخ الفاضل/ عبده حفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وأن يعينك على حفظه وعدم نسيانه، وأن يجعله شفيعًا لك وسقاءً لك إلى جناته جنات النعيم. وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإن القرآن الكريم هو حبل الله المتين، إذا أنعم الله على عبده بحفظه يحتاج إلى متابعة بانتظام، وأن يكون ذلك وفق برنامج يومي، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – أخبرنا بقوله: (تعاهدوا القرآن، فإنه أشد تفلتًا من الإبل في عقلها) بمعنى أنه عند أقل غفلة تجد أن القرآن يبدأ يذهب شيئًا فشيئًا، كلما كان الحفظ أمتن وأقوى كلما كانت درجة النسيان أقل، أما إذا كان الحفظ سريعًا وعاجلاً - خاصة مع تقدم السن – فإن سرعة النسيان تكون أشد وأقوى، لذلك أهل العلم وأهل القرآن يحرصون على قراءة خمسة أجزاء من القرآن يوميًا مراجعة حتى يحافظوا على القرآن، يقولون (لا يمر أسبوع إلا وقد مررت على القرآن كله). ومن هنا فإني أقول - أخي الكريم الفاضل -: إن حفظ القرآن نعمة، من أجلِّ النعم، وعطية من أعظم العطايا، فأنت رجل قد منَّ الله عز وجل عليه بنعمة لو علمها الملوك وأبناء الملوك لجالدوك عليها بالسيوف، أن يجعل الله صدرك وعاءً لكلامه هذه (والله) أفضل من أعظم شهادة يحملها الناس في تلك الحياة. القرآن الكريم الذي يجعلك يوم القيامة في منزلة عظيمة عبّر عنها النبي - صلى الله عليه وسلم – بقوله: (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته) ومن الأمور العظيمة جدًّا نسيان القرآن، لأن هذا كما لو كان نوع من الإهمال ونوع من التفريط في هذه النعمة، وأنا أقول لك: لو أن الله منحك مالاً هل أنت - بالله عليك – سترضى نفسك أو تقبل أن تُبدد هذا المال وأن تتخلص منه دون أي ترتيب أو عقل، وأن تعطيه من شاء وأن تنفقه يمينًا ويسارًا ثم لا يبقى معك منه شيء؟! أعتقد ستقول لي (لا وألف لا) لأن المال عزيز، والقرآن أعز من المال، كيف بي لا أقبل أن أفرط في المال وهو من المآل والزوال وفي نفس الوقت أقبل أن أفرط في القرآن الذي هو كلام رب البرية جل جلاله سبحانه؟! فعليك - أخي الكريم الفاضل – بضرورة وضع برنامج يومي للمراجعة، إن لم يتيسر لك خمسة أجزاء فحسب ظروفك، ولكن لا يقل عن الأقل عن جزئين أو ثلاثة أجزاء يوميًا، ولو في الطريق إلى العمل، وإذا كانت هناك فرصة في العمل بما لا يتعارض مع مصلحة العمل لا مانع، إذا كنت في المواصلات فلا مانع، المهم أن تقرأ على أي صفة وعلى أي طريقة، وأن تجعل القرآن الكريم واجبًا يوميًا كالطعام والشراب والصلاة، أمر منظم، وتجعل وقته لا يتم الاعتداء عليه بحال من الأحوال، ولا تجعله حسب الظروف، وإنما اجعله برنامجاً يوميًا مُلزمًا دائمًا ثابتًا، وبإذن الله تعالى سوف يعود لك القرآن، وببركة القرآن سوف يبارك الله لك في رزقك، ويبارك لك في أهلك، ويبارك لك في مالك، ويبارك لك في ولدك، ويبارك لك في بيتك، ووالله سوف تحظى بنعم لا تُعد ولا تُحصى، وببركة قراءة القرآن في بيتك ستزورك ملائكة الله جل جلاله، والبيت الذي تحضر إليه الملائكة يتعذر على الشيطان أن يدخله، وبذلك ستعيش في جنة قبل الجنة، وفي نعيم قبل النعيم. خذ بنصيحتي واجتهد، واجعل مراجعة القرآن أمرًا يوميًا كالطعام والشراب والصلاة، ولا تجعله حسب الظروف والأحوال كما ذكرت لك، وبذلك سوف تشعر بأنك بدأت تراجع وبدأت تستعيد الحفظ الذي كنت عليه، إضافة إلى ذلك عليك بالدعاء والإلحاح على الله ألا يحرمك الله منزلة أهل القرآن ولا درجة أهل القرآن الذي قال فيهم: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} فهو اصطفاء من الله لحفظة كتابه العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يعيننا وإياك على طاعته ورضاه، وأن يجعلنا وإياك من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، إنه جواد كريم. هذا وبالله التوفيق.
  • مشاركه

بسم الله الرحمن الرحيم الأخ الفاضل/ فريد حفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: مرحبًا بك - ابننا الكريم - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بأمر الوالدة وأمر الشقيقة، فالوالدة والشقيقة في منزلة رفيعة، ونسأل الله أن يهدي الوالدة ويهدي الأخت، ويهدينا جميعًا لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو. لا شك أن البر عبادة لرب البريّة، الذي شرع البر للأم هو الله تبارك وتعالى، وأن الإنسان ينبغي أن يحرص على هذه الطاعة التي ربطها العظيم سبحانه بعبادته، تأمّل القرآن: {وقضى ربك ألَّا تعبدوا إلَّا إياه} بعدها: {وبالوالدين إحسانًا}، وتأمّل قوله: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا}، فرضى الله في رضى الوالدين، وسخطه في سخطهما، والإنسان ما ينبغي أن يكون مَنّانًا، لا يقول (أنا بارٌّ بك؛ لأنه كذا) لا، أنت بارٌّ بها؛ لأنها أُمّ، والله أمرك ببرِّها؛ لأنها الأم، ولأنها صاحبة أكبر حق في الخلق والبشر، هي الأم، وحقها مضاعف حتى على حق الأب، (أُمُّك ثم أُمُّك ثم أُمُّك) قال في الرابعة: (ثم أباك، ثم أدناك فأدناك). إذًا ما ينبغي أن تقول لأُمِّك (أنا بارٌّ بك لوجه الله ولأمر الله)، هذا صحيح، لكن كأنك تقول: (أنت لا تستحقين البر، وإنما أنا بارٌّ بك لأن الله أمرني بذلك)، هذا صحيح، لكن ليس من الحكمة أن يقول الإنسان هذه العبارة بهذه الطريقة؛ لأن مِن بِرِّها أن تُطيّب خاطرها، ومن بِرِّها ألَّا تُحزنها، ومن بِرِّها أن تُحسن الاستماع إليها، لكن لا تفعل ما فيه معصية، ولا تفعل ما فيه ضرر للغير، فالإنسان إذا أمرته الوالدة، وأمرته الأخت، أو أمره مَن هو أكبر منه بمعصية فلا سمع ولا طاعة، لكن ليس من الضروري أن يُجادل ويقول أنتم كذا وأنتم كذا، فتُحسن الاستماع وتفعل ما يُرضي الله، وما قد يكون فيه ضرر للناس فلا تفعله، أو ضرر لك فلا تفعله، معصية لله حذاري؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه وتعالى. فكونك تتقبّل أوامرهم بمعنى أن تستمع إليهم، لكن لا تفعل إلَّا ما فيه طاعة لله، تجنّب أن تظلم أحدًا؛ لأن الوالدة تريد، أو لأن الأخت تريد، ولكن قم بما عليك، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينك على الخير، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونحن نشكر المشاعر التي دفعتك للسؤال، ولكن مرة أخرى نوصيك بالوالدة خيرًا، ونوصيك بالأخت خيرًا. واعلم أن برّك لهما يُقرِّبك إلى الله، حتى لو قصّرت الأخت وقصّرت الأم؛ فأنت تفعل لأن الله أمر بالبر، والله تعالى يجازي البار ويُحاسب المقصّر، أبًا كان أو أُمًّا، أخًا كان أو أختًا، ولذلك {لا تزر وازرة وزر أخرى}، ونحن نلقى الله أفرادًا، فاعمل بما يُنجيك بين يدي الله تبارك وتعالى. ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد والهداية.
  • مشاركه